غزة: استهداف الصحفيين وتحويل المهنة إلى أخطر مهمة في العالم
في أقل من عامين، سجّلت غزة أعلى حصيلة موثّقة لقتل الصحفيين في نزاع واحد خلال فترة زمنية قصيرة؛ إذ وثّقت لجنة حماية الصحفيين مقتل ما لا يقل عن 197 صحفيًا وعاملًا إعلاميًا منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بينهم الغالبية في داخل القطاع. هذا الرقم وحده يكفي لوصف بيئة العمل الصحفي في غزة بأنها الأخطر عالميًا.
تختلف الحصائل باختلاف منهجيات العدّ: مراسلون بلا حدود تتحدّث عن أكثر من 200 صحفي قُتلوا منذ اندلاع الحرب، وتطالب بتحقيقات مستقلة ومحاسبة الفاعلين.
على الأرض، تتكرّر أنماط استهداف مقلقة: قصف منازل ومكاتب صحفيين، إصابات أثناء التغطية الميدانية، ومنع/تقييد الوصول. وفي 25 آب/أغسطس 2025 قُتل صحفيون في قصف على مجمع ناصر الطبي بخان يونس، في واقعة وثّقتها وكالات دولية وأشعلت إدانات واسعة باعتبارها ضربة جديدة لسلامة الطواقم الإعلامية والمنشآت الصحية.
قانونيًا، ينصّ القانون الدولي الإنساني على أن الصحفيين المدنيين أشخاص محميون ما لم يشاركوا مباشرةً في الأعمال العدائية، وأن الاستهداف المتعمّد لهم قد يرقى إلى جريمة حرب. وقد ندّد خبراء الأمم المتحدة مرارًا بقتل وإسكات الصحفيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، واعتبروا الإفلات من العقاب تهديدًا مباشرًا لحرية الصحافة.
إن مقتل هذا العدد غير المسبوق من الصحفيين لا يعني فقط خسارة أفرادٍ شجعان، بل إطفاء عيونٍ كان دورها رواية الحقيقة من قلب الكارثة. هنا تتقدّم مهمة الإعلام المستقل: تصحيح السردية، توثيق الانتهاكات وفق منهجية صارمة، والمطالبة بتحقيقات مستقلة ومحاسبة الفاعلين كي لا تتحوّل حماية الصحفيين إلى نصوصٍ بلا أثر.









